من أنتم حقيقة: رجال أعمال أم آليات دمار/ الشيخ ولد أحمد

في سابقة من نوعها في بلادنا، تكشف نزرا ولو يسيرا من مستوى الصلف والوقاحة، خرج علينا من الملعب الأولمبي ما يعرف ب "تجمع رجال الأعمال الموريتانيين" يتقدمهم كبيرهم، ليفرضوا علينا متابعة مباراة جديدة في دوري جوقة التزلف والفتك ، متجاسرين على الشعب الموريتاني عبر توجيهه للتصويت لصالح المرشح الذي وقع عليه اختيارهم.

 

 

لا يكترث هؤلاء وكبيرهم لطبيعة المواسم السياسية وما يفرضه ذلك من ضرورة ترك الصدارة للسياسيين وأنشطهم وخطاباتهم، بل لا يقيمون وزنا حتى لطبيعتهم هم أنفسهم كفاعلين اقتصاديين خصوصيين تلزمهم ممارسة مستوى من التحفظ تجاه المنافسة داخل المجال السياسي، والنأي بأنفسهم عن الاقتحام العنيف لمشهد سيكون أفضل بكثير في غيابهم لما يلحقون به من أدران ومن أساليب الضغط والبيع و الشراء للعبث بإرادة الناخبين !

 

 

 

فمنذ ما بعد استقلالها بفترة قصيرة، وبلادنا تتوفر على رجال أعمال وتنظم انتخابات من حين لآخر، لكن أيا من تنظيمات رجال أعمالنا لم يتجرأ على مصادرة دور الساسة وطرح نفسه بديلا حتى عن حملة المترشح، إمعانا في الصلف والإسفاف وتجاهلا لقوانين وأعراف الجمهورية! عرفنا رجال أعمال وكبراء لهم يقدمون معونات لحملات المترشحين، يحتلون مواقع فيها بصفاتهم الشخصية، لكن أن تحتل تنظيماتهم الرسمية قيادة جوقة التزلف والتزمير، فذلك من المستجدات التي تستدعي التأمل!

 

 

 

ألا يملك الرئيس المترشح لخلافة نفسه حزبا حاكما ولائحة طويلة من أحزاب الأغلبية والمبادرات الداعمة، يجدر بهم أن يترك لهم حق المبادرة بتنظيم الأنشطة السياسية الداعمة؟ ومتى كان دوركم يتمثل في تحشيد الجماهير داخل الملاعب وتقديمها قرابين ،وأي حق لديكم في استغلال طيبة وحاجة العمال المؤجرين في مؤسساتكم وحوانيتكم، وإرغامهم على التظاهر معكم ؟

 

 

هل يريد رجال أعمالنا ـ أو كبيرهم على الأقل ـ أن يوصل رسالة للموريتانيين، بأن رجال الأعمال هم من رشحوا الرئيس الغزواني وأن نجاحه من مسؤوليتهم قبل غيرهم؟ ألا يعني ذلك في بعض قواميسهم أنهم جاهزون لدعم المرشح الذي سيطلق أياديهم مجددا لمراكمة مزيد من الأرباح الخيالية على حساب صحة ومعيشة ومساكن وكرامة المواطنين؟

 

 

من أنتم حقيقة؟ وهل في ماضيكم أو حاضركم ما يمنحكم سلطة أخلاقية تخولكم توجيه الرأي العام أو حتى التطوع بمساندة أي مرشح يحترم نفسه؟ ألستم من جوع هذا الشعب المسكين وطحنه تحت مطرقة أسعار مدمرة وموغلة في الوحشية والجور؟ ألستم السبب في إفشال جميع السياسات الاقتصادية للبلاد وتحويلها إلى مكب للنفايات المنتهية الصلاحية التي تحصد أرواح شعبنا وتنهك أجساده بالأمراض الفتاكة؟ أليس بعضكم مهووس بالنهم الصفقاتي وبسوء الانجاز، وبالإصرار على نقل عقدهم النفسية وقيمهم من المجال الخاص إلى الفضاء العمومي الوطني؟

 

 

كلي يقين بأنكم لا تكترثون لما تثيره تصرفاتكم من دمار للبلد وللشعب وما تتسبب فيه لضحاياكم من معاناة وآلام، كونوا على يقين من أن ساعتكم آتية.

 

 

اللشيخ ولد أحمد المدير الناشر لصحيفة كيفه للأنباء

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.