ابتداء من الخامسة من مساء اليوم غصت ساحة الولاية بكيفه والشوارع القريبة بالجماهير، ودبت القشعريرة في أجساد المنظمين و "المناضلين المخلصين"، ورغم أن يوم العيد صار في هذه المدينة مناسبة يخرج فيها الناس مساء إلى هذه الساحة لإلتقاط الصور وأخذ فسحة من الراحة مع الأصدقاء فإن تلك الصدفة كانت مساعدة جدا على الحشد لهذا المهرجان مع ملاءمة الطقس الذي سجل أدنى درجات الحرارة منذ بداية هذا الصيف وكانت المحصلة أن ظهر المهرجان من أكبر ما شهدته الساحة في تاريخها.
أبطأ المرشح الغزواني في القدوم نظرا لأمطار تهاطلت على مدينة لعيون وخلال ساعة من بلوغ المهرجان لقمته بدأ الناس في العودة إلى منازلهم فلم يتمكن رئيس الجمهورية من تدارك غير تجمع صغير إذ لم يصمد غير الجالسين على المنصة الرسمية من منتخبين ووجهاء ورجال أعمال.
كان الوقت الفاصل بين انصراف الجماهير ومجيئ الرئيس قاسيا ومؤلما لأصحاب المنصة الذين انبروا للمكرفون يناشدون الناس البقاء دون جدوى.
تناوب العشرات لملئ الفراغ يتفنون في أصناف العبارات من أجل ثني الناس لكن ذلك لم يغير شيئا في الأمر، وبلغت الحسرة أن صار كل متحدث يبرئ ذمته فيصدح بأن أهل المقاطعة الفلانية أو البلدية الفلانية لم يبرحوا.
جاء الغزواني وتحدث إلى ذلك الجمع البعيد كل البعد عن المتوقع، الصادم حقا إلى أبعد الحدود.
صار القوم يتلاومون ويندبون حظهم في خسارة لحظة القمة حين امتزج المناضلون بالمتنزهين والفضوليين وغيرهم في لحظة مواتية لم يوفق القوم في استغلالها.
إن ما حدث مساء اليوم في هذا المهرجان يظهر الحقائق التالية :
1- لم يعد حجم المهرجانات في هذه المدينة وصخبها ومستوى حضور الناس مقياسا لنصيب المرشح من الجماهير.
2- ظهور من يدعون النفوذ والهيمنة على الناس وهم في حالة بائسة حين استجدوا المواطنين البقاء ولم ينصتوا.
3- كذب هذا الحدث مساء اليوم ادعاءات الطبقة المهيمنة فلو كانت هي من يجلب الجماهير للمرشحين لما عصت الجماهير الأوامر وغادرت قبل مجيء الرئيس وأفشلت بدون شك هذا المهرجان.
4- هشاشة أي تنظيم سياسي لا يقوم على دعائم صلبة مؤسسة على أفكار وقضايا ومبادئ ومشاريع اجتماعية.
5- لم تظهر مدينة رئيس الجمهورية أمامه بالمشهد الذي توقعه و إن كان هو من تأخر عن الموعد فإنه يعي جيدا بأن المناضلين المخلصين الأوفياء لا يغادرون قبل قائدهم وهو أمر لن يطمئن على ما تخبئه صناديق الاقتراع.