حين انطلقت التعددية السياسية في البلاد بداية التسعينيات من القرن الماضي بعثت الأنظمة المتعاقبة القبيلة وشجعت مؤطريها وجعلت من هذا الكيان المدمر وسيلة للتعبئة وحشد الأصوات لمرشحي "المخزن"، وقد لاقى هذا التوجه الرجعي رفضا واسعا من لدن القوى التقدمية وكافة الحالمين بدولة القانون والاندماج والمواطنة؛ غير أن نظام الشمولية لا يريد افتقاد أهم أداة لإعماء العقول وتجييش العواطف نحو التصويت لخيارات ما يسمى "بالدولة".
تطورت الأوضاع نحو الأسوء فصار المغاضبون داخل القبيلة يتحالفون مع نظرائهم في القبائل الأخرى فانضافت إلى المشهد أحلاف عشائرية أكثر فتكا وشراسة على الدولة و القيم الديمقراطية.
وقد بدا مع تتالي السنوات وتتابع الاستحقاقات الانتخابية أنا كنا في عافية كبيرة إذ تدحرج الأمر إلى أن أصبحت الفخذ حزبا سياسيا لها نشاطاتها وهياكلها، وحين وصلنا إلى نظام الحكم الحالي تشطرت الفخذ إلى أسر فظهرت الأسرة ترفع لافتاتها وصور مرشحيها وتنصب خيامها في الميادين العامة.
المقلق أن الوضع يتقدم حثيثا من الكارثة إلى المأساة بعد أن ماتت الأحزاب السياسية وتغولت أساليب المخزن في التدجين والتخويف والترغيب، وباتت هذه الكيانات البائدة هي من يتصدر المشهد رغم أنف القانون ونظم الجمهورية، تمرح بكل وقاحة وتمرر ما أرادت من أنشطة وفعاليات بكل صخب ووقاحة عند أبوب الإدارة والأمن.
والسلام على الجمهورية الموريتانية.