لا تخفى محورية الدور الجزائري في منطقة الساحل، كما لا تخفي أيضا عمق الأزمات التي يعانيها هذا الساحل المفتوح منذ عقود كثيرة على متغيرات سلبية كثيرة في الأمن والتنمية، والعلاقات الدولية، ومع كثرة المتدخلين في المنطقة على غير هدى ولا بحثا عن مصلحة شعوبها، تبدو المقاربة الجزائرية لعلاج أزمات المنطقة واحدة من أنجع الرؤى الاستيراتيجية لمواجهة متغيرات الساحل.
وبشكل خاص تبدو الجبهة الجزائرية الداخلية أكثر قوة وتماسكا وتوحدا حول استقلال واستقرار دور الساحل، وأكثر بعدا عن الاستثمار في الإرهاب أو الاضطرابات أو المغامرات العسكرية التي تورطت فيها دول ساحلية متعددة، وجعلتها في محور الإرهاب والاضطراب الأمني والسياسي.
لقد استطاعت الجزائر كشر شوكة الإرهاب، ورغم ما عانت فقد انتصرت بقوة الحسم، وبمقاربات السلام والعفو، لتتحول تجربتها في هذا المجال إلى عنصر توازن قوي ليس للجزائر وحدها ولكن للمنطقة بشكل عام.
كما أن الدور الجزائري الحاسم في السلام في منطقة أزواد عبر اتفاقية الجزائر كان صمام أمان لمالي ولوحدتها وجسرا نحو تنميتها واستقرارها لو لم يتم التنصل منه مؤخرا، لتدخل مالي ومنطقة الساحل بشكل عام في عمق التأزم الذي لا يلوح له حل قريب.
وتتأسس المقاربة الجزائرية في منطقة الساحل على مرتكزات أساسية هي:
الوساطات لإنهاء الأزمات: وقد أثمرت في الماضي جهود الجزائر مصالحات نوعية، وحقنت دماء كثيرة، ووفرت بساطا للأمن في الساحل، ولا شك أنه محاولة تجاوز الدور الجزائري في إحلال السلام في المنطقة، هو رهان على الوهم واستثمار في الأزمات المستمرة.
التعاون الإقليمي لمواجهة التهديدات العابرة للحدود: سواء تعلق الأمر بالإرهاب أو الهجرة غير الشرعية أو المخدرات، وما من شك أن الدور الجزائري في الساحل في قوته واتساعه، وفي تنوع وسائله وفي صرامته تجاه التهديدات، ورفضه المستمر لتجاوز إرادات الشعوب الساحلية، يمثل صمام أمام مستقر ومستمر، وجزء أساسيا من أركان الأمن الدولي في الساحل.
التنمية والاستثمار في الجوار: تملك الجزائر مشاريع تنموية فعالة في مختلف دول الساحل، وكانت يدها ممدودة إلى شعوب الساحل بالعون والتنمية، وكما كانت الجزائر في ثورتها ونضالها الداعم الأهم للمقاومات الإفريقية والساحلية بشكل عام في مواجهة الاستعمار، فقد كانت استثماراتها الإفريقية جزء أساسيا من صناعة النهضة والاستقرار الإفريقي، ونشر روح الإخاء وهو ما يجعلها المؤثر الأكثر فعالية، ويجعل دورها الأكثر محورية وقدرة على استعادة السلام والتنمية المفقودين في منطقة الساحل.
https://rimafric.info/node/14363
