بلدية لكران : قصة معاناة من رحم الجبل
وكالة كيفة للأنباء

كان قدرها الوحيد أن تتموقع في أحضان سلاسل لعصابة لتنال حظها من العزلة ووعورة الطريق وهشاشة النسيج الاجتماعي ذلك النسيج المرابط هنا منذ عقود من الزمن بأمجاده وبطولاته وعطائه المعرفي وتنوعه الثقافي ...

روافد مجتمعة جعلت الجميع في وحدة وتآخي وأمن و أمان علي مر الايام ظلت حياتهم مرتبطة بالزراعة وتنمية المواشي مستقرين في مواطنهم الاصلية تتأبطهم الكدي من كل جانب رمزا لرفعتهم فيطاول نخيلهم أطواد الجبال كما يطاول الدوح الأغصان والأفنان إلا أن عاتيات الزمن المتلاحقة قضت علي الكثير من أوديتهم فقل إنتاجهم من الحناء والتمور فانبري كثير منهم في تنمية المواشي وانتقل السكان من محيط الواحة إلي الأحراش والأودية والتلال وسفوح الجبال فتناثرت تجمعات سكنية كبيرة هنا وهناك يصل تعدادها الآن إلي 56 تجمعا سكنية يحوي أزيد من 20 ألف نسمة تملك ما يربو علي 60 ألف رأس من المواشي بحسب منظمة الوفاء من أجل تحسين حيات لعصابة لم يخطر علي بالهم ان تحل بهم مصيبة بفعل الطبيعة كما وقع هذه السنة .إنه الجفاف الذي ضرب البلاد هذه السنة.

لكن وطاته عليهم كانت اشد قسوة انقطعت بهم السبل فقطعانهم ليست بالأحجام الكبيرة تتحمل نفقات الترحال والبحث عن الكلأ .فنفدت المراعي منذ أشهر فنق من مواشيهم أعداد كبيرة بفعل الثالوث (الجوع المرض الفقر) وأحكمت الكدي أنيابها علي من هب ودب من مواشيهم : لتطرحها فريسة للذئاب والوحوش .خاب أملهم في الحصول علي العلف بعد طول انتظار نظروا إلي أوديتهم فإذاهي أعجاز نخل خاوية فلم يجدوا إلا أشجارا شوكية صديقة للبيئة رحمتها الطبيعة فأبقت عليها حية فاستهاموا عليها فقطعوها إربا إربا بفؤوس لاتبقي ولا تذر فأصبحت الغذاء المقدم للقطعان فهذه السيدة تخرج قطيعها الذي يزيد علي العشرين فتهش عليه نحو المجهول تقول بلسان حالها يذهب عنا فقد يعود كله وقد لايعود ؟

سألتها عن خطة الأمل فقالت لعلك تقصد الطريق إنه لايمر علينا فقلت لها أنني أعني العلف فقالت سمعت عن كميات موزعة في حدود 70 إلي 80 طنا موزعة علي أزيد من خمسين قرية إنها تلا تلبي احتياج منطقتي التي أسكن فيها .

وهذا منمي آخر يحكي لنا قصة مأساة لا تكاد تصدق لقد أعياه طول انتظار عند مبني المقاطعة فلم يجد شيئا من العلف فرجع إلي قطيعه في أعلي الجبل وفي الصباح الباكر أعد عدته وهش علي غنمه ليجد لها الكلأ بأي وسيلة متاحة وبينما هو في أنفاق ومغارات داخل الكدي إذ أبصر شجرة متدلية الأغصان فأسرع إليها وقطع أغصانها وأطلق صفيره الناعم فتنادت عليه الغنم من كل حدب وصوب فالتهمت أوراق الشجرة بسرعة متناهية وفي لمح البصر تساقطت الواحدة منها تلو الأخري لأن الشجرة كانت من النوع السام فهذه تصيح متأثرة وتلك تلفظ أنفاسها الأخيرة أصيب صاحبها بذهول فصار يدور بين هذه وتلك عله يجد إسعافا لكن يد المنون سبقته فانتزعت منه في لحظة واحدة شقيق النفس إنه المال إنه القطيع تملكه حزن عميق ولسانه يقول : ( كأسان من القمح لقمة عيش تكفي شاة من الضأن ) وغيرهم لا يحصي ولايعد ممن يحكي ظروف معاناة تختلف باختلاف الزمان والمكان وتتحد في السبب الواحد إنه الجفاف وانعدام العلف .

توشك مواشيهم علي النفوق في انتظار خطة الأمل والأمل في نفوسهم قد مات . فما الذي حرم القوم ؟

نسيهم من رسم مثلث الأمل رغم ما تزخر به جبالهم من جيوب الفقر وعزلة المكان والفئات الأقل حظا حتي في أعلاف تقتات بها مواشيهم فيتساءلون أين رئيس الفقراء والمحتاجين ومن التزم بجلي الفقر عنا ؟ أين من سلب ضمائرنا ؟ فصدقنا بحلم رئيس الفقراء فما أكثرهم وما أقل المدافعين عن شأنهم .

بقلم محمد يحي ولد محفوظ ولد اعل .


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2012-05-19 05:37:00
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article1086.html