كيفه في ذاكرة التاريخ/ الدكتور محمد المختار ولد سيدي محمد
وكالة كيفة للأنباء

رابعا: أهم محطات التطور الإداري للمركز

يمكن أن نجمل أهم التطورات الإدارية في مركز كيفه في ثلاث مراحل رئيسة هي:

1) مرحلة الضباط العسكريين: و تمتد من سنة 1907 إلى سنة 1937 و قد تميزت بوضع الأسس الأولى للإدارة المحلية طبقا لمقتضيات السياسة الفرنسية, و كان الهاجس الأمني حاضرا في الأذهان في وقت كانت المنطقة ميدانا لصراع بين الفرنسيين والمقاومة، وكان القادة الفرنسيون يسعون لوضع اليد على المواقع الاستراتيجية، ومسالك التجارة القديمة، ونقاط المياه، ومجالات انتجاع القبائل.

و كان المركز يدار من طرف ضابط عسكري يمثل رأس السلطة في المنطقة يساعده بعض الأعوان من الكتبة و التراجم وكانوا في هذه المرحلة من دول الجوار الإفريقي، و يتولى رئيس القصر مهمة التنسيق بينه مع ساكنة المركز و الأطراف, في حين تتولى القيادات العشائرية تمرير القرارات الإدارية عبر الفضاء القبلي من خلال جمع الضرائب و العشور, و حفظ النظام و تحديد مجالات تحرك القبائل ومواسم تجمعها وتعرف في القاموس الإداري بمجلس الأعيان.

وقد عرف المركز تغيرات عديدة في مجاله الإداري وحدوده و عائد يته ، ففي سنة 1907 كان تابعا لدائرة ا نيور في السودان الغربي , ليصبح ابتداء من سنة 1913 ضمن الإقليم المدني الموريتاني بعد إنشاء دائرة في لعصابة وعاصمتها أمبود وهي وضعية ستتغير ابتداء من سنة 1923 باختيار كيفه عاصمة لدائرة تشمل آفطوط و أرقيبه واظهر لعصابة وأفله، و من أبرز رجال هذه المرحلة:

- الرائد آرنوARNOLD مؤسس المركز و قائد الحامية العسكرية الأولى التي ضمت بعد التأسيس 120 من الجمالة و200 من المشاة.

-  النقيب دلا رميناDE LARMINAT 1924-1929 وقد عرف با لصرامة والشدة في إدارة المجال, و هو صاحب فكرة زراعة النخيل في المنطقة, حيث أرسل بعثة إلى تكانت جاءت بمائة فسيلة منتقاة, ثم أشفعها بقرار يلزم السكان بزراعة النخيل، و بجهود هذا الضابط تضاعف عدد النخيل في أحواز الرقيبة ولعصابة من 150 نخلة في منتصف العشرينات إلى أكثر من ( 70.000) نخلة سنة 1948 .

2) مرحلة الإداريين المدنيين وقد بدأت في 11 فبراير 1937مع الإداري المدني بول مونيى P MONIERو خلفائه أمثال جيليان المانJ ALLMAND) و ميلو MULOT وبالدن اسبرجيBADEN ESPERGER و جابرييل فيرالG FERAL و رنولد RENAULD 1952-1955.

و إذا كان من المفترض أن عهد المدنيين يؤشر مرحلة استقرار سياسي بعد توقف المقاومة العسكرية في الشمال، و خضوع البلاد بشكل شبه كامل للإدارة الفرنسية إلا أن هذه المرحلة لم تخل من مصاعب في الدائرة و هذا ما تعكسه التقارير السياسية منذ منتصف الثلاثينات، و التي تتحدث عن تنامي المد التيجاني بفرعيه الحافظى في إدوعلي والحموى في أهل سيد محمود و لقلال و استقطاب القادرية لمجموعات إديوبسات، و هو ما أدى في المحصلة النهائية إلى ظهور الشيخ محمد عبد الله ولد أده في زاويته الجديد ة ببومديد، إضافة إلى الطريقة القظفية الذائعة الصيت، و خلال منتصف الأربعينات وعلى وقع مصاب المريدين الحمويين فى شيخهم المتوفى في باريس والقادريين في الشيخ التراد المتوفى في دجمبر 1945 بد كار عائدا من الحج، صدر المقرر رقم 9555 بتاريخ 28 أكتوبر 1944 و بموجبه أصبحت كيفه تابعة لتامشكط بالحوض و فقدت استقلاليتها الإدارية, و كان ذلك نتيجة حتمية لظروف الحرب العالمية الثانية و ما تقتضيه من تقليص النفقات الإدارية, فضلا عن التأثير البالغ للزوايا الصوفية و نزعتها المقاومة للاستعمار الفرنسي والتي تختزل عادة في الثقافة المحلية, في بعض الصراعات البينية التي هي عرض لا جوهر، وإذا كان الحكام الفرنسيون من عسكريين و مدنيين قد تركوا بصماتهم ظاهرة في التاريخ الإداري لكيفه بمستويات متفاوتة فإن الإداريين الموريتانيين كان لهم نصيب كبير في هذا المجهود و لعل السيد محمد ولد الشيخ كان مثالا في هذا الصدد فقد تمكن من كسر احتكار التجار الأوائل حينما أدرك أن حافة الوادي لا تتحمل مزيدا من الساكنة فنقل المركز التجاري إلى الجديدة بدل السوق القديمة، و قسم المزارع على ساكنة المركز وقاد حملة تعبئة في القبائل حثها على ضرورة الإقامة في المدينة ملوحا بسلاح العقوبة أحيانا، وإغراء المكافأة أحيانا أخرى، وهو ما مهد لتطور عمراني و توسع أفقي سيعرض له المتخصصون بشيء من التفصيل.


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2020-09-12 07:20:00
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article1162.html