اللجنة المستقلة للانتخابات تسير عكس القانون
وكالة كيفة للأنباء

تولدت فكرة إنشاء اللجان المستقلة للانتخابات لدى الأنظمة الإفريقية ذات الخلفية العسكرية، التي تريد خلع البذلة وارتداء الزي الديمقراطي، وذلك لحاجتها في تشريع الانتخابات التي لا تثق المعارضة عادة في إدارة العسكر لها.

وتقوم وزارتا الداخلية، من خلال توفير الدعم اللوجستي، والدفاع بإشرافها على الترتيبات الأمنية، بالتنسيق مع اللجنة المستقلة للانتخابات، التي مرت في بلادنا بمرحلتين أولاهما خلال المرحلة الانتقالية ما بين 2005 و2007، حيث لعبت دور حكم التماس الذي يشير برايته لوزارة الداخلية بوصفها الحكم المركزي.

ثغرات

ورغم أن اللجنة المستقلة المعينة حديثا ستتميز عن سابقتها بلعب دور الحكم المركزي، إلا أن ثغرات قانونية ستجعل الطعن واردا في كل القرارات والخطوات التي ستصدر عنها.

فالقانون عرف اللجنة المستقلة للانتخابات بأنها تشكل مناصفة بين الأغلبية والمعارضة دون أن ينص على أنها المعارضة المحاورة، ومن المعلوم ضرورة أن أي حديث قانوني عن المعارضة الديمقراطية يعني مؤسستها التي يتزعمها أحمد ولد داداه، وهذه المعارضة ترفض نتائج الحوار بما فيها تشكيل لجنة الانتخابات.

ويمضي القانون في تحديد معايير أعضاء اللجنة، فيحدد 10 سنوات من عدم ممارسة السياسة، وهنا يحق للبعض أن يتساءل عن الفرق مثلا بين عضو اللجنة ممد ولد أحمد وأي سياسي آخر، وهو الذي ترشح للانتخابات النيابية الأخيرة، ويرأس حاليا المجلس الوطني لحزب الفضيلة، باعتبار أنه لم يقدم استقالته بشكل علني، ولو افترضنا تقديمها فإن شرط العشر سنوات بدون سياسة لم يتوفر فيه، وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس اللجنة الذي يقال إنه عضو بارز في حزب التحالف الشعبي التقدمي.

تأجيل

لقد تمت تجربة اللجنة المستقلة للانتخابات في غينيا ومن بعدها في مالي، حيث تم احترام الجدول الزمني الذي وضعته الدراسة والمتمثل في 18 شهرا من الإعداد والاستعداد لتنظيم انتخابات شفافة تراعي كافة المتطلبات القانونية، وهو ما يتطلب لدى اللجنة في بلادنا إعداد اللوائح الانتخابية بعد انتهاء عملية الإحصاء التي يجريها المكتب الوطني لسجل السكان والوثائق المؤمنة.

كان آخر إعداد للوائح الناخبين سنة 2006 قد حدد مليونا و250 ألف ناخب، وفي انتخابات 2009 قالت المعارضة إن 600 ألف شخص بلغوا سن الرشد بعد آخر انتخابات، وهو الرقم الذي حددته السلطات حينها بـ 450 ألفا.

وبالنظر إلى أن إعداد لوائح الناخبين لا يمكن أن يتم إلا بعد انتهاء عملية الإحصاء، فلا بد من أن تتأكد اللجنة من أن 80 بالمائة من الناخبين قاموا بسحب بطاقات تعريفهم لتحديد موعد للانتخابات، وهذه النسبة قد تصل إلى قرابة مليوني شخص، على اعتبار أن عدد السكان يتجاوز أربعة ملايين و700 ألف مواطن، حسب توقعات بعض المراقبين.

وبعد ذلك تبلغ وكالة سجل السكان اللجنة أن هذه النسبة سحبت بالفعل بطاقات تعريفها، حتى يتسنى لها البدء في إعداد اللوائح الانتخابية خلال مدة محددة ب90 يوما، وتعليقها في فترة لا تقل عن 45 يوما لتلقي الطعون.

خلاف

وتتداول بعض الأوساط السياسية المحلية خبرا مفاده أن الفرقاء الذين أشرفوا على تشكيل اللجنة المستقلة غير متفقين على تحديد موعد نهائي لتنظيم الانتخابات البلدية والنيابية القادمة.

وتقول تلك الأوساط إن مسعود ولد بلخير، الذي أصبح رئيسا للبرلمان في ظرفية خاصة، يسعى إلى ضمان إعادة انتخابه في ذات المنصب من جديد، ولذلك فهو بحاجة إلى وفاق سياسي يضمن له عقد تحالفات، وهو ما دفعه إلى إطلاق مبادرته لضمان مشاركة الجميع في الانتخابات المزمعة.

وتبذل أحزاب الأغلبية غير الممثلة في البرلمان، والتي تشكل أكثر من 80 بالمائة من تلك الأحزاب، بكل ما أوتيت من قوة لمنع تنظيم انتخابات بحكم عدم جاهزيتها ماديا أو معنويا في الوقت الراهن، خاصة أن القانون الجديد يقصي الأحزاب التي لم تحصل على نسبة 1 بالمائة، وهو ما سيؤدي إلى انهيار ائتلاف الأغلبية، ليبقى المستفيد الوحيد من الانتخابات هو الحزب الحاكم.

وبالنظر إلى أن المدة التي يتطلبها إعداد انتخابات شفافة، وباحتساب تلكؤ أحزاب الأغلبية في الدفع باتجاه تنظيمها، فإن المراقبين يرون استحالة تنظيمها قبل سنة 2014.

تمويل

وعبر الغرب عن رفضه تمويل أو الاعتراف بأي انتخابات دون موافقة جميع الفرقاء السياسيين في موريتانيا، بينما فسر محللون تحديد وزير الداخلية لموعد 3 أشهر لتنظيم الانتخابات بالقول إن وكالة سجل السكان أصدرت تقريرا مفاده أنه وحتى نهاية أغشت الجاري سيكون المسجلون مليون و300 ألف مواطن، وأن نسبة البالغين منهم لا تتجاوز 36 بالمائة، فارتأت السلطة في جلسة مغلقة تكليف وزراء يقومون بحملات في الداخل بالقول إن الانتخابات باتت وشيكة، بهدف خلق صراعات داخلية لدفع المتنافسين على الاقبال على الاحصاء، والبدء في إعداد تمويل حملاتهم الانتخابية.

فضيحة

يقيد القانون صرف ميزانية اللجنة المستقلة للانتخابات بموافقة البرلمان عليها، بعد توصله بطلب من اللجنة، ورغم ذلك قامت الحكومة بمنح سلفة مالية للجنة، في مخالفة صريحة لنص القانون الذي يمنع السلف بدون ضمانات، فما هو مصير سلفة الدولة للجنة الانتخابات إذا رفض البرلمان صرف ميزانيتها؟

ثم إن ميزانية اللجنة لن تكون كافية، حتى لو وافق البرلمان على المبلغ المقترح، بسبب دفع اللجنة لمبلغ 5 ملايين أوقية شهريا كإيجار للمقر الذي يقع في عمارة بتفرغ زينة قيل إنها مملوكة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، وهي التي كانت تؤجرها مدارس برج العلم، حيث تم توصيل جزء شارع المختار ولد داداه إلى طريق نواذيبو ليمر من أمام العمارة المذكورة، وهو ما يستدل عليه البعض بعدم إكمال ملتقى الطرق الذي انتهى إليه الشارع المذكور منذ 5 سنوات على تشييده.

السفير


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2012-08-20 14:58:43
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article1657.html