رحلة العودة من عاصمة الشرق (كيفة) / إسلمو أحمد سالم
وكالة كيفة للأنباء

(1) قمت بمراجعة رحلة العودة من كيفة ل(الألمانية) صباحا ، و لم يكن هناك ما يثير الانتباه ، فأطلقت عجلاتها للريح في حدود التاسعة ، كانت درجت الحرارة مرتفعة جدا مثل الضرائب ، و كان الغبار يغطي الأفق ، مثل سوق مقطع الأحجار في الأيام العادية .

سرحت بذهني أقتطف الصور و الأفكار ، و تارة أحاول التجويد ، على عدم جمال صوتي ، و قطعت المسافة حتى عمق سوق "كرو" دون أن أعلم.

لم أكن أراقب السرعة لأن مؤشرها تعود على الخمول مثل عمال قطاع التعليم ، و لا مؤشر الحرارة الذي تعود الاندفاع إلى أعلى مثل الأسعار.

كانت سوق كرو مزحمة كالعادة ، فلمحت رجلا ينتظر سيارة مغربة ، عرفت ملامحه لكنني لم أتذكر اسمه و لا أين عرفته.

أوقفني و قال بهدوء لافت : أريد حجز تذكرة ل "أشرم" ، قلت: السيارة خاوية و ليست للنقل العمومي ، و يشرفني أن تحملني أو أحملك .

تبادلنا الحديث ، لأعرف أنه صديق قديم كان مدرسا في مقاطعة المجرية و هو مدير مدرسة إبتدائية في بلدية "أشرم" و قد كان تعارفنا عندما كنت في إعدادية المجرية أيام التخرج . تغيرت ملامحنا و تغيرت الأفكار و الثقافات ، لكنه احتفظ بهدوءه و وقاره .

فور خروجنا من الغايرة لاحظت خشخشة و زفيرا و معركة شديدة، المشاركون فيها مندفعون و متفانون ، فتأكدت أن جماعة من شباب "وزير المالية" قد دخلت في المحرك..

أوقفت السيارة و كنت في (لكريع) ، فإذا المياه تتدفق ، فقلت لعل حفارة تجمع "المشروع" قد ضلت الطريق .

كان زيت المحرك ممتزجا بالمياه مما يوحي بأن انغجار كبيرا قد حدث ، فتأكدت أن أحد عمد الجنوب كان مع الشباب ، و أن هذا الزيت هو مداد وسم "تحالف البلديات طموح و انجازا٨ت" الذي اجتاح منتديات المقاطعة هنا عرفت أن القدر قد أراد أن أجد صديقي ليكن أداة حل المشكل .

اتصل الصديق بصاحب سيارة أجرة ليأتينا بميكانيكي .

بادرنا الميكانيكي بمحاضرة حول أحوال السيارة و الأعطاب و نسبة تضخم المحرك و نسبة النمو و المشاكل المستقبلية فظننته وزير المالية ، فتركته و قد نثر كنانته يقلب قطع السيارة يمنة و يسرة ، و جلست إلى الظل انتظر النتائج ، كانت هناك بيوتات مبعثرة صغيرة ذكرتني بالنقطة الصحية لقرية "تارحييت" التي بنتها بلدية جونابة .

(2) كانت الطريق من "كرو" إلى "كامور" مقعرة في مناطق كثيرة ، و قد مارست السيارة العديد من الرياضات من أهم القفز و القذف و الملاكمة ، و ربما كانت هي الأسباب المباشرة للعطب ، لكن هذا الطريق في كل الأحوال أجود من طريق "أملنا" المنطلق من مقطع الأحجار إلى "ابتسامة الجنوب /جونابة" ، مرورا ب"المشروع" و " واد أمور".

"كامور" جميل في كل الأوقات ، و البطحاء ساحرة في كل الأزمنة ، و عندما تقترب من "جوك" فإنك ستستجمع قواك لعملة "التسبيح" ، لكن المرور هذه المرة كان سلسا.

دخلنا "الغايرة" و هي مدينة جميلة بموقعها و سكانها و مبانيها ، لكن أهلها يفضلون الاسم ب"القاف" بدل " الغين" ، التفافا على المعنى القدحي للاسم ، غير أنها في هذه الفترة ، لوقع الحر ، ربما حق لها أن "تغير".

نعود إلى صاحبنا الذي طلب شراء "مضخة مياه" للسيارة ، فقلت لعله نسي أننا في منطقة حباها الله بمياه كثيرة ، فلسنا في جنوب المقاطعة و لا شمالها .

بادر صاحبي و أرسل لمضخة و جيء بها بسرعة من "الغائرة" ، فتعجت كيف أن منتخبينا يذكورن قدوم حفارات و مضخات في إبريل ثم ينسون ذلك في مايو ، و هذا الرجل أتى بمضخة في لمح البصر.

و لعلمكم الغايرة مركز تجاري كبير ، تستفيد كل المناطق من التموين منه ، من جوك حتى أشرم.

جلسنا في متجر صغير بجانب السيارة و بادرنا ملاكه بالشراب البارد ، فقفز إلى ذهني شاعرنا ديدي ادولد بونه و هو يرصع منتدياتنا بشعره العذب للمطالب بالماء ، مناجيا عمدته الذي تنتقي أذنه بعض الأصوات و ترفض بعضها.

و قدم لنا ملاك المتجر شايا ممتازا عتقت نكهته إرادة الإتقان العفوية التي اختفت لدى عمال البناء في مشاريع التضامن و مقاولات الاتحاد الأوروبي و "أكرت" ، هذه المؤسسات يسعى عمدنا إلى محوها من الوجود بتبني مشاريعها.

ركبت المضخة بعد تنقيب سريع و لملمة لأعضاء السيارة ، و تم سقيها بالماء و الزيت ، و أمرنا الرجل بالانطلاق، لكنني لاحظت أن الرجل لم يكن وزير المالية لأنه لم يكن مقنعا فربما كان وزير الثقافة أو العدل.

انطلت السيارة ، و أمر صاحبي صاحب سيارة الأجرة بمرافقتنا ، و ما إن وصلنا "السياسة" حتى عدنا لنقطة الصفر ، و هكذا هي السياسة عندما تدخلها عليك أن تتعود على الأصفار .

أصر الصديق على تركة السيارة هناك و الذهاب إلى "أشرم" لأخذ قسط من الراحة ، فقد كانت القيلولة و كانت درجة الحرارة 47° ...

(3) انطلقنا من السياسية و ليس زهدا فيها ، لكن الجهد قد بلغ منا كل مبلغ ، و مررنا في "أشرم" على الميكانيكي ، فوجدنا أن محله مغلق مثل مقرات بلديات الجنوب . اتصلنا به لنجد أنه مسافر ، فسألت الرجل هل هو عمدتكم ، فقال لم ؟ ، قلت لأننا تعودنا على سفر عمدنا إلى العاصمة و غيابهم عن الواقع و اهتمامهم بالافتراضي..

ذهب بي الرجل إلى عمق "حلة أهل اسويد أحمد" في مكان ينبض بالوقار و الهيبة ، و أنزلني منزلا فسيحا مكيفا ، و ووفر كل وسائل الراحة ، الشراب البارد ، و لحم طير مما يشتهى ، و "الكسكس: عين الصط" باسم " كيفي" و نكهة محلية . الشاي المعتق النكهات ، كل ذالك على حديث هادئ ينبض بالحكمة و الوقار مع الرجل .

بالمناسبة الرجل يسمى : حمود ولد الشيخ أحمد من أبناء عمق مجتمع "انبيكة" و السيدة طبيبة ، من عمق "الحلة". هنا في الحلة تزاحمك صور الماضي التليد ، و مسحة الارستقراطية و حضارة "تكانت" بثقلها و عزتها..

برمجت رحلة "جر" السيارة مع أحد أبناء المقاطعة ، لتنطلق المغامرة الأخيرة مساء ، من السياسة حتى مقطع الأحجار. كان علي أن أختار بين أن أكون جارا أو مجرورا ، فقلت سأختار أن أكون مجرورا على غير عادتي ، حتى أتصادف مع أبناء المقاطعة .

يتطلب الأمر التركيز الكبير و المتابعة في كل صغيرة و كبيرة ، و قد خرجت بقناعة أن التبعية صعبة و لا يضطر لها غير من سدت عليه الطرق.

وصلنا إلى مقطع الأحجار ليلا ، بعد عناء و تعب ، لتبدأ رحلة اصلاح السيارة في الصباح ...

وجدت أن الرحلة قد أفسدت (كيلاص و اجوينه د كيلاص) ، دون أن أحسب اليد العاملة و ثمن الجر ، و من العجيب أن المجرور بدفع قمنا غاليا رغم أنه عادة يظن أنه المدفوع له..

ملاحظة : سأجمع فكاتير لكل تكاليف الرحلات إلى كيفة و أطالب وزارة المالية بتعوبض مل التكاليف ، عندما تتوفر إمكانية ذلك .


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2017-05-26 16:28:00
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article18420.html