الفزع الكبير
وكالة كيفة للأنباء

صحيح أن المآسي كثيرا ما تكشف أعماق البشر.. ففي يوم السبت الماضي، تغطت البلاد بأسرها حتى لا تضطر للاطلاع على نكتة ثقيلة الظل: لقد تعرض رئيس الدولة لإطلاق نيران "بريئة".

حبست البلاد بأسرها أنفاسها وبقيت تنتظر ساعات من الحرج، وفي اليوم الموالي، أراح المواطنين الوجهُ المتعبُ، ولكن الصارم، لرئيس الجمهورية. بالطبع لا تزال تطرح أسئلة كثيرة دون أن تلقى إجابات. ولكن، بغض النظر عن هذه الأسئلة، وعن الآلام كذلك، فهنالك، قبل كل شيء، ملاحظة مريحة: لقد تعاطفت الأمة كلها مع الرئيس.

لقد أصدر المعارضون، بما فيهم أولئك الأكثر راديكالية، بيانات تتمنى الشفاء العاجل لرئيس الدولة. وقام أحمد ولد داداه، المعارض البارز، بإلغاء مؤتمر صحافي كان من المفترض أن يعقده، وبتعليق أنشطة حزبه... كما تمنت منسقية المعارضة الديمقراطية الشفاء العاجل لرئيس الدولة. ولمواجهة الألم، تمت تهدئة الاحتجاجات الصاخبة... كل هذا يحمل علامات تؤشر على صحة جيدة تتمتع بها هذه الأمة التي ما زالت تبحث عن ذاتها، تحت نظرات الجميع، دون أن تجد نفسها بشكل أكيد.

ومن المفرح بشكل كبير كون الموريتانيين لم يشعروا، غداة المأساة، بأن خطرا ما يتهددهم أو أنهم يتجهون نحو الهاوية.. لقد عملت المؤسسات بشكل عادي (إذن، بشكل سيء جدا) وفتحت الإدارات أبوابها (في وقت متأخر وبكسل واضح، كما هي العادة) ولم تغلق المحلات التجارية أبوابها في وجه الزوار (رغم ارتفاع الأسعار) واستمر سائقو السيارات في برنامجهم اليومي العادي الذي تتصدره الإهانات الغريزية المتبادلة على قارعات الطرق المزدحمة. لقد استمر الموريتانيون، على ما يبدو، رغم المشاعر التي هزتهم، في العيش دون خوف، وفي التمتع بحد أدنى من الثقة في بلادهم، وهذا مؤشر هام وجيد.

لقد علمَنا هذا الحدث المؤلم بالنسبة لمحمد ولد عبد العزيز وعائلته وبالنسبة لنا جميعا، على الأقل، شيئا أساسيا: توجد أوقات يمكن للموريتانيين فيها أن يكونوا شيئا واحدا، ويوجد ما يشبه خيطا غير مرئي يربط بين بعضنا البعض. فعلينا إذن أن نحاول إظهار هذا الخيط الذي يوحدنا والذي يبدو، في كثير من الأحيان، غير مرئي. علينا -كذلك- أن نفكر في نسبية الأشياء وفي قوة القدر.

ترجمة: المشري ولد الرباني


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2012-10-20 09:50:52
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article1997.html