هي قصة غريبة يعيشها هذا الرجل ، ويحكيها بألم كبير، تعتقد في البداية أنها مجرد حكاية من حكايات زمن الأساطير، لكن الحقيقة هي أن هذا الرجل غريب بكل معنى الكلمة، لكونه لم يذق للنوم طعما منذ 20 سنة،
وهو يبحث في كل زاوية من منزله، عن شيء اسمه النوم، غادره سنة 1992، ومنذ ذلك الوقت لم يسمع عنه خبرا.
أسئلة كثيرة حيرته وحيّرت عائلته، فالأبناء تقاسموا هذه المعاناة مع والدهم، ابنته نورة "15 سنة" تقول بحسرة كبيرة إن والدهم لم ينم منذ عقدين من الزمن، هي تحلم أن ترى والدها ينام كباقي الناس، تريده أن يحس بالليل مثلهم، لم تجد وسيلة لمساعدة والدها على النوم والعلاج من هذا المرض القاتل الذي أنهك جسده، وجعله نحيلا،
يقول الحاج البالغ من العمر 49 سنة، إن النوم فارقه منذ سنة 1992 ولم يعد يتذكر أخر ليلة نام فيها كباقي الناس، الحاج كان يزن أكثر من 80 كيلوغراما، لكن مغادرة النوم له جعلته يتراجع إلى 50 كيلوغراما، وحالته المزرية تظهر دون أي شرح ولا زيادة، فعيونه تظهر تلك المعاناة، إنها تبحث عن الراحة فقط وتبحث عن نوم ولو قليل، هو يبحث عن النوم ولو لدقيقة.
ومع مرور الوقت أصبح يخاف من الليل الأسود، فمنذ الزوال يعيش السيد الحاج ألما كبيرا، وخوفا كبيرا من الظلام لأنه يعلم أنه سيعاني عندما يشاهد الناس نياما وعينيه في السماء يترجى بهم ربه، لعل النوم يأتي على غفلة، عندما ينام الناس يهيم الحاج في الشوارع ليلا عله يجد النوم في مكان ما في أحد زاويا الشارع، وعندما بفقد الأمل يعود أدراجه إلى غرفته الصغيرة فيجد عائلته نائمة.
يجد ابنته نورة نائمة ويجد ابنه عبد الله نائما ويجد ابنه الصغير نائما أيضا، ويجلس بينهم ينظر في وجوهم ويستغرب كيف ناموا، حكاية غريبة تلك التي يعيشها الحاج الذي لم يتمكن الأطباء من علاجه، فقد انتقل بين أطباء كثر وصفوا له أدوية وعقاقير مهدئة لكنها لم تجد معه نفعا فهو منذ سنة 1992 في رحلة البحث عن النوم الذي غادره ذات صباح وبلا رجعة.
نقلا عن "الشروق الجزائرية" بتصرف
