صورتان../ حنفي ولد دهاه
وكالة كيفة للأنباء

يحتاج نظام الرئيس محمد ولد الغزواني لأن تتحدد ملامحه، و ينجلي وجهه السياسي الكاشف بما تتمايز به ألوانه، ويُتبيّن منه خيطه الأبيض من خيطه الأسود، حتى لا نظل منه في مُبهمة، لا تهتدي فيها يد المرء لفمه.

هما صورتان في إطار واحد: صورة نظام محافظ، يعتمد على الدعم العشائري، و لا يتوخى في تعييناته غير من وهبهم شرفُ المولد وزناً انتخابياً، أحرزوه بانتشارهم القبلي و ليس بمخاطبة القناعات من خلال برامج إصلاحية، تُقدم حق المواطنة على المكافئة الانتخابية.

جحفلٌ ممن يتبوأون مناصب عليا في مفاصل الدولة لا يشفع لهم علمٌ و لا عمل، ولم يحرقوا فيها المراحل بعصاميةِ ابن شهبرَ الجَرْمي، و إتما تسلقوا على أكتاف وجهاء و نافذين اجتماعيين، فنالوا بنسبِهم ما لم ينالوه بكسبهم، فتنزّوا من الحظوة السياسية في كف عفريت .. وأثروا من المال الحرام، ما واصلوا استخدامه لتكريس تلك الحظوة.

نظام محافظ، يقيّد الحريات، في عصر تسعى كل ذرة فيه لإطلاقها.. و يقبض وصايته على “فكر” تُمعِن روح العصر في بسطه.. و يجعل من برلمانه إصطبلاً للحيوانات التي لا تفكر في غير تبنها و علفها.. حيوانات من أبناء الشيوخ و المشائخ و الوجهاء الانتفاعيين.. أو من “عصاميين” أكسبتهم “المراباة” و “التنقيب السطحي” آباء يزاحمون بهم جموع “الأحمدواهيين”..

نظام لا تجسد فلسفته قيّم الحداثة، و لاتترجم تعابير الحضارة، و إنما يدور به منجنون الزمن الرتيب.؟!

نظام تزاجم فيه كتفُ اللص منكبَ الشريف.. وتقارع فيه سفسطةُ الجاهل منطقَ العليم.. و يكون الشعوبي فيه ألحنَ بحجته من المثقف العضوي.. و الشوفينيون أفصح ممن يتكلمون لغة العدالة..؟!

ثم أشيح بوجهي إلى الزاوية الأخرى، فأرى في الإطار صورة دولة قانون، يُحاكم فيها رئيس سابق على ما نهب من المال العام، فلا تشفع له صداقة الرئيس الحالي.. وتنشر تقارير محكمة الحسابات.. (و ما كان لذلك إلا أن يكون سلوكاً جمهورياً جداً لو لم يُقل من المتورطين الأمناءُ العامون دون الوزراء.. ولو لم يتم الاقتصار على الإقالة دون المتابعة الجنائية)..

أرى نظاما “جمهوريا” يضع أساس “مدرسة جمهورية”، و يسعى لسنّ قانون “الكرامة”.. و أرى زيارات مفاجئة للوقوف على حقائق المرافق العمومية، وتأمينا صحياً و دعماً للطبقات الهشة و أرى مشاريع يُِنفض عنها الغبار بعد أن بالت عليها الصراصير.. وإنجازات لاتُعطى حقها من الإعلام و الإعلان ..و رجلاً برت قوسه تجربة عسكرية و تربية محافظة و ممارسة للسلطة ابتداءً من خلف الأكلّة، فعلمته أن لايحث الخطو من يشق طريقه في حقل ألغام.

هما صورتان في إطار واحد: صورة العسكري المدني، و الديمقراطي المستبد، و المحافظ التقدمي، و الحسن الخشن، والصلب الناعم، و اللاعب في سيرك السياسة بالبيضة و الحجر.. الحلو حتى ليكاد أن يبلع، والمر حتى يوشك أن يدفع.. الذي يمتزج فريقه بأدمغة خلاقة من أمثال ولد اجاي و ولد محمد صالح و ولد مرزوگ، مع شلة مطاردي الظلال، أمثال المختار ولد داهي، و محمد عالي ولد سيدي محمد.

يجب أن يُنقّى ثوب الحكم الأبيض من دنسه، و أن تتخلص بنت الكرم من قذاها.. و “ليس القذى -فقط- شيئاً تساقط في الطلا”..

لقد حان لسرب الحكم أن لايجمع بجعاً و بوماً، و أن لا يختلط سانحه ببارحه..

لنساعد الرئيس على أن ينزع كل الذباب الساقط في كأس حكمه، فأدواء أجنحتها تغلب أدويتها، وجُون ربابها يغمر أوديتها.. وهم أعجز في وزارتهم اليوم عن تحقيق ما عجزوا عنه في وزارتهم أمس.!

نعم، على كل الوطنيين فعلا أن يساعدوا الرئيس- الفرصة ليتخلص من قذى كأسه…


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2023-10-29 06:32:03
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article38095.html