تحليل/ كيفة : قراءة في مشهد سياسي قبلي بامتياز!
وكالة كيفة للأنباء

ما إن تم الإعلان عن اللائحة المرشحة باسم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في مدينة كيفة حتي أنجلي ضعف حبل الود الذي كان يجمع مختلف مكونات أكبر سلة انتخابية علي مستوي لعصابة (الاتحاد من أجل الجمهورية) , و ظهرت سابقة في الشجاعة علي التمرد لمكونات قبلية كانت مساهمتها السياسية في الماضي تقتصر علي الترويج وحشد الدعم للحزب الحاكم أيا كان قائده !

فما الذي شجع هذه المجموعات القبلية علي التمرد علي خيار الحزب الحاكم ؟

وما تأثير ذالك علي فرصة هذا الحزب بالفوز؟

وما حظوظ التشكيلات الأخرى من هذا التمزق الذي آلت إليه شعبية حزب الدولة ؟

لا شك أن ظهور سبعة عشر لائحة للانتخابات النيابية تعبر عن حجم الانشطار الكبير الذي وصلت إليه الساحة السياسية, انشطار كان أعمق من إمكانية ظهور مجرد تكتل ثنائي بين أي من المجموعات القبلية التي أصبحت العنوان لمكونات المشهد و إن كانت تحت يافطة أحزاب سياسية اختيرت علي عجل حسب شغور مقاعدها .

يري البعض أن للسلطة دورا في هذا التشكل العبثي من أجل خلق سخونة للمشهد السياسي - كانت ستغيب قبل استخدام الشحذ القبلي - مع إعلان أغلب أحزاب المعارضة مقاطعتها للانتخابات ، كما أن اغراءات النسبية الطارئة علي النظام الانتخابي في كيفة شجعت المجموعات الكبيرة علي الخروج لإنتزاع حصتها الانتخابية غير عابئة بالتحالفات التقليدية التي كان يمليها النظام الانتخابي القديم.

كما يري آخرون أن ترشيحات الحزب الحاكم هي المحفز الرئيسي علي التمرد نظرا لعدم مراعاته للمحاصصة المعروفة بين كبري المكونات القبلية والتي أبقت في السابق علي أكبر قدر من الانسجام و التفاهم . لقد اختلت هذه المحاصصة بعد إدخال عنصر جديد لمنصب عمدة بلدية كيفه الذي من الواضح أن "بارونات" كبيرة في النظام دفعت به من أجل ترسيخ وجودها وتدعيم ثقلها السياسي ، ضاربة عرض الحائط بما قد يترتب عليه من تذمر كانت واهمة بقدرتها علي احتوائه بتقديم وعود و تطمينات لم تنجح لاحقا في ثني أحد أبرز المتمردين بعد ترتيب لقاء بينه مع وزير الداخلية لمدة ساعتين في مكتب الوالي.

هذا إذا لم يكن النظام يخطط لتأجيل الانتخابات أو حل المجالس النيابية والبلدية بعد فترة وجيزة لذالك قرر الوقوف موقف المراقب والمتفرج غاضا الطرف عن مختلف المجموعات للاصطفاف بكل حرية ضمن مختلف الأحزاب السياسية المشاركة , مما يمنحه معرفة حجم كل مجموعة وفهم كيفية خلق التحالف القادر علي الفوز لتبنيه في أول انتخابات قادمة ستكون أكثر جدية بعد تمكين المعارضة من المشاركة فيها.

وأيا من الاحتمالات السابقة انطبق علي الواقع فان الحراك الحالي خلق من جهة أخري حظوظا لعناوين حزبية كان أغلبها غائبا بشكل كامل عن الساحة السياسية المحلية و وجدت فرصتها اليوم في الظهور بشكل "القالب" لصراع قبلي قفزت إليه من أجل حصولها علي مكتسبات انتخابية مستغلة فرصة حظر الترحال علي المنتخبين, كما لا يخفي علي أحد كون الحزب الحاكم كان الخاسر الأكبر إن لم يكون الوحيد إذ بات نزيف مغادريه المغذي الوحيد للأحزاب الأخري.

و علي الرغم من عمق الانقسام الحاصل فان أربعة أحزاب سياسية ستكون المتصدرة للمشهد السياسي وهي الاتحاد من أجل الجمهورية ، الوئام ، تواصل ، الحراك الشبابي .

وبالدخول إلي تحليل المآلات الانتخابية لمرشحي هذه الأحزاب فسنضطر بفعل التداخل الذي وقع بين مرشحي الكتلة الانتخابية الواحدة بترشيحهم لعمدة من حزب ونائب من حزب آخر, الي تناول كلا من الانتخابات النيابية والبلدية علي حدة.

• الانتخابات البلدية :

وسنقتصر في تحليلنا للإنتخابات البلدية علي البلدية المركزية التي تمثل الثقل السياسي والانتخابي تجنبا للإطالة لما تحمل البلديات الريفية من تناقضات و تشعبات يصعب حصرها .

ان تحييد مرشحين لبلدية كيفة من المجموعات القبلية المثيرة للصراع والتنافس جعلها تسقط من سلم الاهتمام القبلي , وجعلت في المقابل كل الاهتمام ينصب نحو الصراع المحتدم و المكشوف بين مختلف المجموعات القبلية خارج بلدية كيفة , مما فرض علي تلك المجموعات توجيه جل ناخبيها للتسجيل في البلديات الريفية من أجل حسم الصراع هناك , مما شكل إفراغا لبلدية كيفة من الناخبين , وتمكن قراءة هذا الإفراغ الانتخابي للمجموعات القبلية من خلال أعداد المسجلين المرتفعة في البلديات الريفية مقارنة مع المواسم الانتخابية الماضية وانحسارها في بلدية كيفة (14472 سنة 2013 مقابل 20787 مسجل سنة 2009 في بلدية كيفة), مما يحصر الصراع أمام شريحة من المقترعين لا توجهها العصبية القبلية بقدرما تحكمها قناعات فكرية أو نفعية , و سيكون الرابح الأكبر فيها –بعد غياب اتحاد قوي التقدم- حزب تواصل الذي يمتلك خطابا فكريا وتدخلا خيريا , كما أن وجود مرشح وحيد من شريحة لحراطين التي تمتلك الثقل الانتخابي في المدينة قد يصب في مصلحة حزب الوئام , بافتراض التعاطف المزدوج الذي قد يجلبه المرشح و رئيس الحزب بيجل ولد هميد ,أما حزب الاتحاد من أجل الجمهورية فقد شكل اعتماده لمرشح من خارج الأطر التقليدية ذات الثقل الانتخابي ضربة ستفقده الصدارة وعلي اعتبار أن المجموعات القبلية القريبة منه والتي استند إليها في اختياره حجزت ناخبيها لخوض صراعاتها القبلية في البلديات الريفية (أنواملين و أغورط ).

*الانتخابات النيابية:

علي عكس الانتخابات البلدية تشهد اللوائح النيابية صراعا محتدما وساخنا نظرا لبروز مرشحين يحملون لقب الزعامة القبلية وان كان مغلفا بغلاف حزبي إلا أن الولاء للقبيلة وحلفها هو ما يوجه الصراع ويغذيه حتي بالنسبة للحزب الايديلوجي الوحيد "المعتبر" في الصراع فلم يغفل إدخال العامل القبلي من أجل كسب الرهان , وفي هذا الخضم ستتأثر النتائج بحجم تدخل الادارة للتأثير علي الناخبين .

فعندما تنزل الإدارة بقوتها في استدعاء شيوخ القبائل ومطالبة المسؤولين بالنزول الي قواعدهم للضغط من أجل انجاح الحزب الحاكم وبالنظر لسهولة ضبط نتائج الصناديق وتحديد المسؤول عنها فان الحزب الحاكم لا محالة سيتصدر الانتخابات بنائبين علي الأقل ويبقي الاحتمال الكبير أن يكون النائب الثالث من نصيب الوئام نظرا لعدم وجود أوراق ضغط كبيرة ستأثر علي تبديل خيارات ناخبيه الحانقين بفعل الاقصاء الذي مورس علي مرشحهم من طرف الحزب الحاكم .عكس تواصل الذي يعول علي جزء كبير من ناخبيه علي رافدين: مجموعة قبلية قد تعرت قواعدها الانتخابية أما ضغط الادارة بحصرها ضمن صناديق محددة لحسم الصراع القائم في بلدية “أنواملين” من جهة’ و التأثير القوي علي رافدها الآخر الذي يمثله رجل المؤسسة العسكرية ولد الغزواني .

أما في حال نأي الادارة عن الصراع فان الحزب الحاكم سيحصل علي مقعد مريح يليه الوئام أما المقعد الباقي فسيبقي متأرجحا بين تواصل و الحراك الشبابي هذا الأخير الذي قد يشكل المفاجأة في حال قدرة مرشحه علي استعطاف المجموعات المنضوية في الحلف الذي ينحدر منه وعدم تأثره بالتعيين الأخير لأحد أقطابه.

إعداد وحدة التحليل في وكالة كيفة للأنباء


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2013-11-03 07:12:00
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article4807.html