رسالة ولد بزيد
وكالة كيفة للأنباء

أحرق الشاب عبد الرحمن ولد بزيد نفسه ليلة أمس أمام القصر الرئاسي، وبالكاد استطاع الأمن الرئاسي وحراس البنك المركزي ورجال الإطفاء أن يطفئوا النار المشتعلة في جسم هذا الشاب، وتعتبر هذه العملية الثانية بعد ولد دحود الذي أقدم علي إحراق نفسه مطلع العام الماضي..

حادثين وقعا عند مطلع سنتين متتاليتين، ووراء كل واحدة منهما رسالة قوية بالاحتجاج علي الظلم وعدم تكافؤ الفرص، فلم يرو نهم هؤلاء، بل لم يشف غليلهم أيا من تلك الأصوات المرتفعة هنا وهناك والنقد اللاذع من هذه الجهة أوتلك، وهذا الضجيج السياسي الذي يملأ أسماعنا.. لم يجد هذين الشابين في كل ذلك عزاء للإبقاء علي أرواحهما وترشيد طاقتهما بضمها لواحدة من تلك القوى المتعددة الداعية للتغيير، بل لم يعبآ تحت ضغط الشعور بالظلم بالإقدام علي فعل يستنكره الشرع والمجتمع.. فعند القدر يذهب السمع والبصر..

نعم ذهب السمع والبصر، وذهب معهما المجتمع بعاداته وتقاليده وخطابه السياسي، لم يعد في كل ذلك ما يقنع شابا في مقتبل العمر يتوقد ذكاء ومعرفة من أن يشعل نفسه ويودع هذه الدنيا التي لم يعد فيها من يزرع الأمل والطمأنينة في روح متحفزة للعدل وتكافؤ الفرص، ربما كانت تحلم وهي تقبل علي التعلم بتحفز وجدية أن تحصد ما زرعت، لكن هيهات كان الحصاد كبيرا، ولم يجد من يسأل عنه!!.

احترق ولد بزيد واحترق معه كل شيء، اللغات الخمسة التي تعلمها في هذا العمر القصير، الشهادات التي حصل عليها بالكاد وتصور يوما أن تشفع له للتخفيف من بؤس العيش، لكنها لم تزده إلا بؤسا ..

احترق واحترقت معه جميع الآمال في إصلاح مجتمع انهارت فيه القيم، وديست المقدسات، ولم يعد من هم لنخبته وساسته سوى الشتم والسباب، كل واحد يسابق الآخر، والفائز هو الأكثر بذاءة، لم ينج من ذلك أي أحد، الصغير في مدرسته لم تعد تهمه الدراسة، فهو يحفظ من الجدل السياسي أكثر مما يحفظ من برنامجه الدراسي، والطالب في جامعته لا يهتم بالتحصيل أكثر من اهتمامه بمناصرة هذا الفريق أو ذلك من أجل الحصول علي وظيفة أو منصب السياسي، أما الشهادة الجامعية فقد تمنح له مكافأة من هذا الفريق أو ذاك.

لم يعد في المجتمع من رجل رشيد،كل يغني علي ليلاه ولا عبرة بهذا الوطن الذي تتساقط مقدساته تباعا، يحترق ولد دحود فلا نتعظ، ونعمل علي دراسة هذه الظاهرة وأسبابها ومعالجتها قبل أن تستفحل، واليوم يحترق ولد بزيد.

المعارضون للنظام يرونها بداية الثورة والتغيير القادم، ونحن نراها بداية الثورة علي المجتمع وعاداته وتقاليده، ثورة علي كل المشاريع السياسية والتربوية، إنها رسالة واضحة بإفلاس الخطاب السياسي و السياسيين في هذا البلد.

إنها رسالة كل من أقدموا على حرق أنفسهم في العالم العربي، فلم تمنع التغييرات التي حدثت من تواصل الحرق، ألم يحترق مغاربة بعد الانتخابات الأخيرة وفوز الإسلاميين.

فهل سنفهم الرسالة ونبدأ في دراسة هذه الظاهرة بطريقة علمية تحصن مجتمعنا من أن يحترق، أم أن البحث عن المكاسب سيعمينا عن رؤية الخطر إلى أن تعم الكارثة؟

المستقبل


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2012-02-12 02:20:07
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article524.html