"لمعلمين" وإشكالية التعدد الطبقي في البيظان
وكالة كيفة للأنباء

كم رغبت عن الخوض في إشكالية طبقات مجتمع البيظان عموما وفي طبقة "لمعلمين" على الخصوص رغبة فرضها شعوري بما تعانيه أمتي الجاثية الهاوية في ميانمار ومنطقة الشام والعراق ومصر وغيرها.

ولا تسل عن سعادة منقطع في البحث العلمي أنشأ مدارس في التفسير والقراءات والفقه لولا تسوُّرُ بعض المنافقين المتترسين بـمِـجَـنِّ قضية "لمعلمين" الحقوقية، وخلت كِنَانَتُهم من غير الطعن في ديننا ليُباركَهم أئمةُ الكفر فتُجيزَهم منظمات أممية ودولية تنشر فينا خبالا وفتنة وتشرذما.

ولا عتاب على الحقوقيين الساعين إلى المساواة بين الناس في الحقوق والواجبات. وكذلك دلالة الحديث النبوي الصحيح في مسند أحمد والبزار بسندهما عن عائشة رضي الله

عنها قالت: "ابْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَعْرَابِ جَزُورًا أَوْ جَزَائِرَ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِرَةِ وَتَمْرُ الذَّخِرَةِ الْعَجْوَةُ فَرَجَعَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِهِ وَالْتَمَسَ لَهُ التَّمْرَ فَلَمْ يَجِدْهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزُورًا أَوْ جَزَائِرَ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخْرَةِ فَالْتَمَسْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ قَالَ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ وَا غَدْرَاهُ قَالَتْ فَهَمَّ النَّاسُ وَقَالُوا قَاتَلَكَ اللَّهُ أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا ثُمَّ عَادَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّه إِنَّا ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزَائِرَكَ وَنَحْنُ نَظُنُّ أَنَّ عِنْدَنَا مَا سَمَّيْنَا لَكَ فَالْتَمَسْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ وَا غَدْرَاهُ فَنَهَمَهُ النَّاسُ وَقَالُوا قَاتَلَكَ اللَّهُ أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَلَمَّا رَآهُ لَا يَفْقَهُ عَنْهُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ اذْهَبْ إِلَى خُوَيْلَةَ بِنْتِ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ فَقُلْ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكِ إِنْ كَانَ عِنْدَكِ وَسْقٌ مِنْ تَمْرِ الذَّخِرَةِ فَأَسْلِفِينَاهُ حَتَّى نُؤَدِّيَهُ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَذَهَبَ إِلَيْهَا الرَّجُلُ ثُمَّ رَجَعَ الرَّجُلُ فَقَالَ قَالَتْ نَعَمْ هُوَ عِنْدِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَابْعَثْ مَنْ يَقْبِضُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ اذْهَبْ بِهِ فَأَوْفِهِ الَّذِي لَهُ قَالَ فَذَهَبَ بِهِ فَأَوْفَاهُ الَّذِي لَهُ قَالَتْ فَمَرَّ الْأَعْرَابِيُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَوْفَيْتَ وَأَطْيَبْتَ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُوفُونَ الْمُطِيبُونَ" اهـ

ويعني أن لأحفاد الطبقات المسحوقة المسترذلة أن تتشرف بمحو آثار الاسترذال والاستهجان. ويعني أن لأحفاد العبيد أن يتشرفوا بمحو آثار العبودية والاستغلال.وعلى من يملكون القرار السياسي أن يُوفُوا وأن يُطْيِبُوا ليكونوا من خير العباد عند الله يوم القيامة.

وأقرّ أنه في عصرنا الحاضر لا سلطان للدولة ولا للقبيلة يفرض على مواطن من المواطنين أن يظل في مستعبدا أو مسترذلا، وإنما البعض لا يزال مكبلا بالجهل والفقر وقلة الوعي يختار العيش في كنف البعض فملكته يمينه.

ولقد أتيحت أخيرا لأحفاد العبيد جميع الحقوق والتمثيل السياسي، وانشغل الحقوقيون منهم بالتأكّل والتكسُّب باليافطة الحقوقية، وليتهم كمجتمع مدني ينشغلون في نشر الوعي والتثقيف وبدفع الناشئة في المدن والأرياف إلى التمدرس وبجمع المساعدات المادية للفقراء منهم ليتمكنوا من الاعتماد على النفس.

ولا تزال شريحة "لمعلمين" تعاني من ظلم ذوي القربى تهميشا واسترذالا ممنهجا متوارثا يكفي دلالة عليه أن العبيد السابقين يستنكفون أن يوصف أحدهم بأنه "امْعَلَّمْ" ويكفي دلالة عليه تلك النشوة التي يتلذذ بها الفاشلون من طبقات الزوايا بتعيير الناجحين من شريحة "لمعلمين" أنه "امعلم" يعني مهما نجح أو أبدع فلا خير فيه وليس منافسا ولن ينال ثقة المجتمع.

وليت مجتمع البيظان استوعب الحقيقة المرة أنه رغم تعدد طبقاته وشرائحه فهو في نفس الوقت وحقيقة الأمر شريحة واحدة وطبقة واحدة لها نفس الدين واللون والعرق أكبر من ذلك وأدهى وأمر أن لها نفس المصير.

ولا ينتظر أحفاد النبلاء ما ينتظره أحفاد المستضعفين المسترذلين من وعد الله عز وجل ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّـمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِـي الْأَرْضِ وَنَـجْعَلَـهُـمْ أَئِمَّةً وَنَـجْعَلَـهُـمُ الْوَارِثِينَ وَنُـمَكِّنَ لَـهُـمْ فِـي الْأَرْضِ﴾ القصص، ويعني وعدا من الله بقلب المتراجحة ليصبح الساسة مسوسين ويصبح الحكام محكومين ويصبح المسترذلون أعزة ممكنين، سنة من سنن علم الاجتماع ونظام حياة البشر

وكتبه/ الحسن ولد ماديك

متخصص في تحرير طرق القراءات العشر الكبرى

وصاحب مدرسة في التفسير والقراءات والفقه

أستاذ التفسير وأصوله في جامعة الإمام مالك للعلوم الشرعية


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2014-01-18 10:26:17
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article5466.html