حملة إزالة القمامة في كيفة:يد تُسَبِّح و أخرى...؟(رأي حر)
وكالة كيفة للأنباء

هناك مثل إفريقي مفاده أن أغبى الناس هو شخص يقوم بحفر حفرة ليُخْرِج ما يكفي من الرمل لردم حفرة أخرى,هذا بالضبط هو ما تقوم به بلدية كيفة هذه الأيام فهي عاقدة العزم على (تنظيف) المدينة من أطنان المكبات المتراكمة في الشوارع والأسواق والساحات وحول المستشفيات والمدارس و المقابر وغيرها من الأماكن.

إلى هنا والأمر أولى أن يشكر وينوه به ويشاد بتوقيته المناسب جدا و نحن على أعتاب فصل الخريف حيث ينجَرُّ عن التساقطات المطرية الكثير من المخاطر الصحية في بيئة ملوَّثة كبيئة مدينة كيفة التي تعتبر من أكثر المدن تلوثا على مستوى الوطن,غير أن كل ذلك يبدو باهتا وعديم الفائدة بل وأكثر ضررا إذا أجبنا على السؤال التالي:أين تنوي البلدية التخلص من كل هذه القاذورات و الأوساخ؟

ولكي أكون منصفا أقول:إن البلدية الحالية ليست هي التي حددت مكان المكبات الكبرى المعدة لهذا الغرض (القذر) و أعتذر هنا عن هذا اللفظ الذي لم أجد عبارة أخرى تنافسه من حيث الدلالة على ما أريد قوله,فالفضيحة الأخلاقية التي اكتنفت هذا المخطط الدنيء تدعوني إلى قول أكثر من ذلك,لقد سعت البلدية السالفة إلى إيجاد مكان مناسب تقوم بوضع حاجز حوله وتجعل منه مكَبًّا لقمامات المدينة ونظرا لطبيعة هذه المهمة فقد كانت هناك شروط يجب أن تتوفر في المكان المذكور , أوّلها : البعد عن المناطق السكنية وعن واجهة المدينة و أن لا يكون المكان مِلْكاً خصوصيا,لكن أيًّا من الشروط السالفة لم يوضع في الحسبان ,فما الأسباب وراء الإخلال بالمعايير ؟ و بما أنني كنت مطلعا على الموضوع من بدايته فإني أرى أنه من واجبي كشف المخطط الذي انبنى على الكثير من التحايل و الكذب الذي تولى وزره مجموعة من الأفراد من بينهم مقاولون وعمال في البلدية –أحد المقاولين يشغل حاليا منصب عمدة بلدية ريفية وبعض العمال ما زالوا يعملون لدى عمدة كيفة الحالي-هؤلاء الأشخاص انتقلوا بعدتهم و عتادهم إلى منطقة على بعد كيلومترين شرق المدينة على طريق تامشكط حيث قطعة أرضية تعتبر ملكا خصوصيا كما توجد وسط أحياء (التيسير),(بغداد),(مشروع أهل الطالب مخطار) وغيرهم من التجمعات السكنية المعروفة لدى سكان المدينة , و الأخطر من هذا كله هو وجود مَصَبٍّ مائي يشكل رافدا رئيسيا لقرى(التيسير)و (أم اشكاك) و(اكريفت اعزيزه) و(بوملانه) و(البكاي),هذا الرافد المائي ينطلق من حيث تتجمع الآن أطنان النفايات و الأوساخ ولكم أن تتصوروا حجم الكارثة الصحية والبيئية التي يعيشها سكان هذه المناطق إذا استمر الوضع على ما هو عليه,فما الذي حدث حتى سمح سكان هذه القرى لمقاولي البلدية بتحويلهم إلى وكرٍ تُلْقِي فيه المدينة كلما ضاقت به من أنواع النفايات؟من هنا تبدأ الحكاية,فذات يوم من أيام شهر مايو 2013 اجتمع نفر من عمال البلدية ومقاوليها في عين المكان المذكور آنفا و بدؤوا في وضع إشارات و توزيع أعمدة و أسلاك حديدية و حين لاحظ الأهالي وجود هذا الكم من الأشخاص والحركة غير الاعتيادية التي يقومون بها هرعوا إلى هناك ليجدوا مجموعة ممن تمرنوا على المراوغة والخداع و تفننوا في أنواع التكسب بواسطة الغش والتدليس فادعوا في البداية أن الوالي أعطاهم الأوامر بالاتجاه إلى هذا المكان واستغلاله لصالح البلدية وحين اكتشفوا أن القطعة الأرضية مملوكة بواسطة رخصة استغلال ممنوحة من طرف الإدارة و أن بئرا ممتلئة بالماء الشروب توجد على بعد أمتار بالإضافة إلى مساكن مأهولة في كل الاتجاهات ,عندها غيروا طريقة التعاطي مع الموضوع واتجهوا إلى حيلة أخرى تمثلت في زعم أحدهم أن البلدية تلتمس منهم التنازل عن قطعة أرضية سيتم استغلالها للمصلحة العامة و أن الفائدة المرجوة من ذلك ستطالهم هم أولا, و استخدموا بعض الحيل الأخرى يضيق الوقت عن ذكرها فاستجاب الأهالي في النهاية بعد أن أخذوا عهودا ومواثيق من العمدة السابق بألا تستغل القطعة الأرضية استغلالا قد ينجم عنه ضرر يطال الجيران,حدث هذا صيف 2013 وفي خريف نفس السنة تفاجأ السكان فجر أحد الأيام بأصوات محركات الشاحنات و هي تكسر هدوء ذلك الصباح الخريفي الوادع و تلقي بأكوام القمامات لينتشر العفن في كل الأرجاء ومنذ ذلك اليوم أصبحت المشاهد المقززة مألوفة لدى كل من يمر من هناك,جرى ما جرى و انتهت مأمورية العمدة السابق وبدأت مأمورية العمدة الجديد وحين رفعت إليه الشكوى تذرع-مُحِقًّا في ذلك- بأن الأمر حدث قبله و أن لا دخل له فيه و أن الجهة التي يمكن أن تبت في الموضوع هي الإدارة ,أما الإدارة من جانبها فقد ادعت أنها عاكفة على حل من نوع آخر سيؤدي إلى إنهاء جذري لمشكلة الأوساخ في المدينة ,ومع كل هذا وذاك تستمر معاناة عدد كبير من المواطنين دون أن يجدوا من يسأل عنهم في ظل تهربِ كل طرف من المسؤولية وإلقائها على الطرف الآخر و سرابِ وعود الإدارة و نَهَمِ المقاولين و سعيهم إلى إنجاز مشاريعهم بأقل تكلفة حتى و إن كانت تلك التكلفة راحة المواطنين و طمأنينتهم بل و حياتهم.

أما وقد أصرت البلدية على انتهاج نهج المغفل الإفريقي و مضت في حملتها الحالية فأقول للسيد عمدة بلدية كيفة:إن تنظيف جزئ من المدينة و رمي قاذوراته في جزئ آخر من نفس المدينة هو عمل غير متوازن عقليا وجائر أخلاقيا ولا يمكن تحويله إلى مكسب يزيد حجم منجزاته.


  
وكالة كيفه للأنباء - AKI
2014-07-25 18:16:46
رابط هذه الصفحة:
www.kiffainfo.net/article7548.html