خطر استدعاء فكرة < المخلص > في الإنقلابات العسكرية والخطوات التجميلية لاستمرار النظم السياسية
في العقيدة الإسلامية خاصة عند أهل السنة والجماعة يشكل الإيمان بالمهدي المنتظر أحد أركان فقه العقيدة ولعل الذاكرة السياسية استدعت هذه الفكرة من المكون العقدي حيث أصبحت كل حركة انقلابية أو تحور سياسي تطرح نفسها كخلاص للأمة مدعية أنها تحقق النجاة من الفساد والإستبداد ولكن هذا التوظيف السياسي لفكرة <المخلص> يحمل مخاطر اجتماعية وسياسية عميقة.
أولا: مخاطر هذه الفكرة على المجتمع
- تبرير الأستبداد بحجة الخلاص
كثير من الإنقلابات والتحورات السياسية تبدأ بشعار <المنقذ> الذي جاء ليصلح الفساد لكنه سرعان ما تتحول سلطته إلى حكم فردي مطلق حيث يصبح القائد فوق النقد والمحاسبة بإعتباره < المختار > لإنقاذ الأمة .
- إضعاف مؤسسات الدولة والمشاركة الشعبية
عند ما يتم تصوير الحاكم أو الانقلابيين على أنهم < المخلصون > يهمش دور المؤساسات الدستورية ويتم تعطيل العملية الدمقراطية بحجة أن الأمة لاتحتاج إلى تعددية سياسية بل إلى قائد ملهم.
- ترويج ثقافة الإتكالية وانتظار البطل
بدلا من أن يعمل المجتمع على إصلاح نفسه بنفه ينتظر القائد المنقذ ليقوم بكل شيء من ما يضعف روح المبادرة والمسؤولية الجماعية.
-إقصاء المخالفين وتصنيفهم كأعداء الأمة
كل من يعارض< المخلص السياسي > أصبح خائنا أو عدوا للتغيير مما يأدي إلى الاستبداد وسحق المعارضة بحجة الحفاظ على مشروع الخلاص .
ثانيا : كيف نواجه هذه الظاهرة؟
تعزيز الوعي السياسي : يجب توعية الشعوب بان لاأحد مهما كانت عظمته يمتلك الحل وحده اعتمادا على صفاته الذاتية بل النهوض بالأمة مسؤولية الجميع.
بناء مؤسسات قوية : الحل ليس في الأعتماد على فرد ملهم بل في إصلاح المؤسسات وضمان تداول السلطة.
مقاومة الخطاب العاطفي : يجب الحذر من الخطابات التي تصور القائد السياسي بأنه المخلص واستهلاك المصطلحات التضليلية كالحوار السياسي فنحن بحاجة بدل ذلك إلى أيام تفكيرية نقدية واستشرافية لتأسيس الإدارة الرشيدة بإشراف عقيدة عسكرية تحترم إرادة الشعب وتحمي الوثيقة المهيمنة على الطبقة السياسية < الدستور >
ختاما فإستدعاء فكرة < المخلص > ليس إلا أداتا استبدادية تهدف إلى ترسيخ الحكم الفردي وتبرير القمع.
والأمم التي تؤمن بالمؤسسات والقانون لا تحتاج إلى < منقذ > بل تحتاج إلى حكم رشيد ومشاركة حقيقة في بناء المستقبل.
