عند هلال شعر رمضان يبدأ -خلْفَ سُجُوفِ الغَيْبِ- ترتيب مَشَاهِد مَوْسِمِ الغُفْرَانِ السَّنَوِي لِعِبَادِهِ المُوَفَّقِينَ، جَعَلَنَا منْهمْ.
 وإنِّي لَأكاد أسْمَعُ - مَعَ أولَى لَحَظاتِ بُزُوغِ هِلالِ رَمَضَانَ- صَرِيرَ أبْوابٍ ثَقيلةٍ، تُغْلَقُ بِمَزَالِيجِ الحَنَّانِ، أمَامَ خَطايَا التَّوَّابِينَ، طِيلَةَ شهْرٍ، إنَّهَا أبْوابُ النَّارِ، لا فُتِحَتْ لَنَا أبَدًا.
 وأسْمَعُ خَفْقَ أبْوابٍ جَمِلَيةٍ، تُفْتَحُ علَى مَصَاريعِها، مُتَضَوِّعَةً بالرَّحَمَاتِ، أمَامَ قُرُبَاتِ الصَّوَّامِينَ القَّوَّامِينَ، طِيلَةَ شَهْرٍ، إنَّها أبْوابُ الجَنَّاتِ، لا سُدَّتْ أمَامَنا أبَدَا.
وأسْمَعُ قَعْقَعَةَ أصْفَادٍ كَبِيرَةٍ، سَتُكَبَّلُ بهَا مَرَدَةُ الشَّياطِين، طِيلَةِ شهْرٍ، إنَّها فُرْصَةُ انْتِصارِ طيْبُوبة الإنْسان، على إغْواء الشيْطان، رزقنا الله  التَّسَامِي الرَّوْحَانِي الدِّينِي، عَلَى مُثَبِّطاتِ الدُّنْيَوي الطِّينِي...
وهكذا، كُلَّمَا اشْتَدَّ الظَّمَأُ، وتَرَمَّضَتْ هَوَاجِرُ رَمَضَانَ، يَنْبَغِي أنْ نَسْتَشْعِرَ نَفَحَاتِ الرّيِّ و الرِّضْوَانِ، تَهبُّ عليْنا، من تِلْقاءِ بَابِ الرَّيَّانِ، أدْخَلَنا الله منه إلى سَرْمَدِي نَعيمِ الجِنَانِ.....
 و لكن- مع ذلك-   ما زال هذا الشهر الكريم بتجلى لنا بين ذكريات الانتصارات والانكسارات
فسلام على رمضان، الفتوح والانتصارات...سلام على رمضان، "بدر" ملحمة الفرقان، سلام على رمضان الفتح الأعظم، فتح مكة "أم القرى"، سلام على رمضان "حطين"، سلام على رمضان" عين جالوت"................
فيا من ارتقت أرواحهم، وقويت عزائمهم... رغم لأواء الحر والجوع والعطش. وشظف العيش...فصنعوا المعجزات... أطلوا قليلا علينا من برزخكم السعيد... لتروا كيف حولنا بعدكم رمضان...
من شهر العزائم، إلى شهر الهزائم
من شهر النصر، إلى شهر القهر
........................................
بعدما حولناه طبعا
من شهر الصيام، إلى شهر الطعام
من شهر القيام، إلى شهر المنام!
                       كُلُّ عَامٍ والبَرَكاتُ تُغَاديكمْ، وتُمَاسِيكمْ