من أجل ترقية المصادر البشرية وحسن التخطيط والبرمجة وتحقيق التنمية ، قامت فلسفة الدولة الموريتانية منذ زمن بعيد على انتهاج سياسية عقد الملتقيات وتنظيم الورشات ، كوسيلة شبه وحيدة للتكوين المستمر، بهدف تحسين الخبرات وتسليح المستهدفين بالمهارات والخبرات التي تزيد من الإنتاج وتساعد على رفع مستوى حياة السكان في مجالات الأمن الغذائي أو الصحي أو في الميدان الثقافي أو الاجتماعي أو أي مجال آخر.
وقد عرفت ولاية لعصابه خلال السنوات الماضية ، سيلا من هذه الملتقيات، عندما تم اختيارها ولاية نموذجية لتطبيق البرامج التنموية. واليوم لا تزال هذه الولاية تستقبل من وقت لآخر تنظيم مناسبات من هذا النوع ، فكيف يسير ذلك العمل وما هي مردوديته على المستهدفين؟ لا شك أن القليل من هذه الملتقيات التي تنظم بهذه الولاية من وقت لآخر يحقق بعض غاياته ويخلف نتائج معقولة ، تحدث أثرا إيجابيا على المتلقين ،غير أن أغلب هذه الأنشطة يمر بطرق وتطبعه ممارسات ، تجعله مضيعة للوقت وإهدار للمال وهو موضوع حديثنا في هذا المقام :
عند كل مرة تعقد إحدى هذه الورشات، فإن الإشراف يكون من طرف الجهة الوصية عبر أشخاص يفدون من انواكشوط ، وفور وصولهم ينصب تفكيرهم على الطرق والوسائل التي تمكنهم من إستبقاء ما أمكن من منافع مادية ، فعند اتخاذ مكان تنظيم الورشة ، يحاول المشرف بالتعاون مع المسؤول المحلي الحصول على قاعة في إحدى المؤسسات الحكومية ليتجنب الإيجار ،فإذا فشل في ذلك المسعى يختار أرخص الأمكنة في أحد الفنادق أو النزل ، ثم يتقدم شوطا لإقرار لائحة المشتركين وفي هذه الحالة ،فإن صاحبنا المشرف يعمل كلما بوسعه لتقليص عدد هؤلاء إلى أقصى حد ممكن! وهنا تتعدد وجوه قرابة المشرف أو معاونه المحلي ويدمجون أسماء لا علاقة لها بالموضوع ، وهي أخر من يمكنه التطفل على مثل هذه الورشة..
يقوم المشرف أيضا باختزال أيام الورشة ، فتصبح الأيام الخمسة ثلاثة وتتحول الأربعة إلى اثنين ويبدل اليومان يوما واحدا!! وأما شراب وأكلات الراحة أثناء تلك الأنشطة ، فيتم إنهاكها حتى لا تفرق بينها وبين فطور الأطفال .!
العروض المقدمة في هذه الورشات ، مترهلة وغالبا ما تكون بعيدة عن مستويات المخاطبين ويمر عليها المحاضرون مر الرياح في سباق مع الوقت ،فلا يكاد أي من المتلقين فهم شيئ.!
عند الختام ينادى إلى الناس، فيقبضون ما يخدش كبرياؤهم ولا يسمنهم ولا يغنيهم من جوع.! لا يخفى على أجد أن حاجة الناس بهذه الولاية للتأطير والتوجيه ، هي حاجة ماسة للغاية ، كما أن التكوين ، هو مسألة حيوية في التنمية، لكن الأساليب والطرق التي يسير بها هذا النوع من الأنشطة ، بهذه الولاية تظل بعيدة كل البعد من أن تعطينا الحد الأدنى من النتائج المرجوة !
إن حرص المشرفين على سير هذه الورشات على أن يستبقوا من كل شيء ويطففوا كل سيء ، حتى الدفتر وقلم الرصاص ، وسعيهم لإنهاء مهمتهم بأقل تكلفة ، يحول هذه الملتقيات إلى مسرحية هزلية ويساعد في ترسيخ ثقافة الكذب والمحسوبية وعبادة المنفعة.